«حَدَّثَتْنِی أُمُّ أَیْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ ع فِی یَوْمٍ مِنَ الْأَیَّامِ فَعَمِلْتُ لَهُ حَرِیرَةً وَ أَتَاهُ عَلِیٌّ ع بِطَبَقٍ فِیهِ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ أَیْمَنَ فَأَتَیْتُهُمْ بِعُسٍّ فِیهِ لَبَنٌ وَ زُبْدٌ فَأَکَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ ع مِنْ تِلْکَ الْحَرِیرَةِ- وَ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ شَرِبُوا مِنْ ذَلِکَ اللَّبَنِ ثُمَّ أَکَلَ وَ أَکَلُوا مِنْ ذَلِکَ التَّمْرِ وَ الزُّبْدِ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص یَدَهُ- وَ عَلِیٌّ یَصُبُّ عَلَیْهِ الْمَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ یَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ نَظَراً عَرَفْنَا بِهِ السُّرُورَ فِی وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِیّاً ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ یَدَیْهِ وَ دَعَا ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ یَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِیبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ وَ دُمُوعُهُ تَقْطُرُ کَأَنَّهَا صَوْبُ الْمَطَرِ فَحَزِنَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِیٌ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ ع وَ حَزِنْتُ مَعَهُمْ لِمَا رَأَیْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هِبْنَاهُ أَنْ نَسْأَلَهُ حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِکَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ وَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ مَا یُبْکِیکَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَبْکَى اللَّهُ عَیْنَیْکَ فَقَدْ أَقْرَحَ قُلُوبَنَا مَا نَرَى مِنْ حَالِکَ فَقَالَ یَا أَخِی سُرِرْتُ بِکُمْ وَ قَالَ مُزَاحِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِی حَدِیثِهِ هَاهُنَا فَقَالَ یَا حَبِیبِی إِنِّی سُرِرْتُ بِکُمْ سُرُوراً مَا سُرِرْتُ مِثْلَهُ قَطُّ- وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَیْکُمْ وَ أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَیَّ فِیکُمْ إِذْ هَبَطَ عَلَیَّ جَبْرَئِیلُ ع فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى مَا فِی نَفْسِکَ وَ عَرَفَ سُرُورَکَ بِأَخِیکَ وَ ابْنَتِکَ وَ سِبْطَیْکَ فَأَکْمَلَ لَکَ النِّعْمَةَ وَ هَنَّأَکَ الْعَطِیَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ وَ مُحِبِّیهِمْ وَ شِیعَتَهُمْ مَعَکَ فِی الْجَنَّةِ لَا یُفَرِّقُ بَیْنَکَ وَ بَیْنَهُمْ یُحِبُّونَ کَمَا تُحِبُّ وَ یُعْطَوْنَ کَمَا تُعْطَی حَتَّى تَرْضَى وَ فَوْقَ الرِّضَا عَلَى بَلْوَى کَثِیرَةٍ تَنَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ مَکَارِهَ تُصِیبُهُمْ بِأَیْدِی أُنَاسٍ یَنْتَحِلُونَ مِلَّتَکَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِکَ بِرَاءٍ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْکَ خَبْطاً خَبْطاً وَ قَتْلًا قَتْلًا- شَتَّى مَصَارِعُهُمْ نَائِیَةً قُبُورُهُمْ خِیَرَةً مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَ لَکَ فِیهِمْ فَاحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خِیَرَتِهِ وَ ارْضَ بِقَضَائِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ رَضِیتُ بِقَضَائِهِ بِمَا اخْتَارَهُ لَکُمْ ثُمَّ قَالَ لِی جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَخَاکَ مُضْطَهَدٌ بَعْدَکَ مَغْلُوبٌ عَلَى أُمَّتِکَ مَتْعُوبٌ مِنْ أَعْدَائِکَ ثُمَّ مَقْتُولٌ بَعْدَکَ یَقْتُلُهُ أَشَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ- وَ أَشْقَى الْبَرِیَّةِ یَکُونُ نَظِیرَ عَاقِرِ النَّاقَةِ بِبَلَدٍ تَکُونُ إِلَیْهِ هِجْرَتُهُ وَ هُوَ مَغْرِسُ شِیعَتِهِ وَ شِیعَةِ وُلْدِهِ وَ فِیهِ عَلَى کُلِّ حَالٍ یَکْثُرُ بَلْوَاهُمْ وَ یَعْظُمُ مُصَابُهُمْ وَ إِنَّ سِبْطَکَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَى الْحُسَیْنِ ع مَقْتُولٌ فِی عِصَابَةٍ مِنْ ذُرِّیَّتِکَ وَ أَهْلِ بَیْتِکَ وَ أَخْیَارٍ مِنْ أُمَّتِکَ بِضِفَّةِ الْفُرَاتِ بِأَرْضٍ یُقَالُ لَهَا کَرْبَلَاءُ مِنْ أَجْلِهَا یَکْثُرُ الْکَرْبُ وَ الْبَلَاءُ عَلَى أَعْدَائِکَ وَ أَعْدَاءِ ذُرِّیَّتِکَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی لَا یَنْقَضِی کَرْبُهُ وَ لَا تَفْنَى حَسْرَتُهُ وَ هِیَ أَطْیَبُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَ أَعْظَمُهَا حُرْمَةً یُقْتَلُ فِیهَا سِبْطُکَ وَ أَهْلُهُ وَ أَنَّهَا مِنْ بَطْحَاءِ الْجَنَّةِ فَإِذَا کَانَ ذَلِکَ الْیَوْمُ الَّذِی یُقْتَلُ فِیهِ سِبْطُکَ وَ أَهْلُهُ وَ أَحَاطَتْ بِهِ کَتَائِبُ أَهْلِ الْکُفْرِ وَ اللَّعْنَةِ تَزَعْزَعَتِ الْأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا وَ مَادَتِ الْجِبَالُ وَ کَثُرَ اضْطِرَابُهَا وَ اصْطَفَقَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَ مَاجَتِ السَّمَاوَاتُ بِأَهْلِهَا غَضَباً لَکَ یَا مُحَمَّدُ وَ لِذُرِّیَّتِکَ- وَ اسْتِعْظَاماً لِمَا یَنْتَهِکُ مِنْ حُرْمَتِکَ وَ لِشَرِّ مَا تُکَافَى بِهِ فِی ذُرِّیَّتِکَ وَ عِتْرَتِکَ وَ لَا یَبْقَى شَیْءٌ مِنْ ذَلِکَ إِلَّا اسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی نُصْرَةِ أَهْلِکَ- الْمُسْتَضْعَفِینَ الْمَظْلُومِینَ الَّذِینَ هُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَکَ فَیُوحِی اللَّهُ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبِحَارِ وَ مَنْ فِیهِنَّ إِنِّی أَنَا اللَّهُ الْمَلِکُ الْقَادِرُ الَّذِی لَا یَفُوتُهُ هَارِبٌ وَ لَا یُعْجِزُهُ مُمْتَنِعٌ وَ أَنَا أَقْدَرُ فِیهِ عَلَى الِانْتِصَارِ وَ الِانْتِقَامِ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأُعَذِّبَنَّ مَنْ وَتَرَ رَسُولِی وَ صَفِیِّی وَ انْتَهَکَ حُرْمَتَهُ وَ قَتَلَ عِتْرَتَهُ وَ نَبَذَ عَهْدَهُ وَ ظَلَمَ أَهْلَ بَیْتِهِ [أَهْلَهُ] عَذَاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِینَ فَعِنْدَ ذَلِکَ یَضِجُّ کُلُّ شَیْءٍ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ بِلَعْنِ مَنْ ظَلَمَ عِتْرَتَکَ وَ اسْتَحَلَّ حُرْمَتَکَ فَإِذَا بَرَزَتْ تِلْکَ الْعِصَابَةُ إِلَى مَضَاجِعِهَا- تَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْضَ أَرْوَاحِهَا بِیَدِهِ وَ هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ مَلَائِکَةٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَعَهُمْ آنِیَةٌ مِنَ الْیَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ مَمْلُوَّةً مِنْ مَاءِ الْحَیَاةِ وَ حُلَلٌ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَ طِیبٌ مِنْ طِیبِ الْجَنَّةِ فَغَسَّلُوا جُثَثَهُمْ بِذَلِکَ الْمَاءِ وَ أَلْبَسُوهَا الْحُلَلَ وَ حَنَّطُوهَا بِذَلِکَ الطِّیبِ وَ صَلَّتِ الْمَلَائِکَةُ صَفّاً صَفّاً عَلَیْهِمْ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِکَ لَا یَعْرِفُهُمُ الْکُفَّارُ لَمْ یَشْرَکُوا فِی تِلْکَ الدِّمَاءِ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ وَ لَا نِیَّةٍ فَیُوَارُونَ أَجْسَامَهُمْ وَ یُقِیمُونَ رَسْماً لِقَبْرِ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ بِتِلْکَ الْبَطْحَاءِ یَکُونُ عَلَماً لِأَهْلِ الْحَقِّ وَ سَبَباً لِلْمُؤْمِنِینَ إِلَى الْفَوْزِ وَ تَحُفُّهُ مَلَائِکَةٌ مِنْ کُلِّ سَمَاءٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَکٍ فِی کُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ- وَ یُصَلُّونَ عَلَیْهِ وَ یَطُوفُونَ عَلَیْهِ وَ یُسَبِّحُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ یَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لِمَنْ زَارَهُ وَ یَکْتُبُونَ أَسْمَاءَ مَنْ یَأْتِیهِ زَائِراً مِنْ أُمَّتِکَ مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ إِلَیْکَ بِذَلِکَ وَ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ یُوسِمُونَ فِی وُجُوهِهِمْ بِمِیسَمِ نُورِ عَرْشِ اللَّهِ هَذَا زَائِرُ قَبْرِ خَیْرِ الشُّهَدَاءِ وَ ابْنِ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ فَإِذَا کَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ سَطَعَ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ ذَلِکَ الْمِیسَمِ نُورٌ تُغْشَى مِنْهُ الْأَبْصَارُ- یَدُلُّ عَلَیْهِمْ وَ یُعْرَفُونَ بِهِ وَ کَأَنِّی بِکَ یَا مُحَمَّدُ بَیْنِی وَ بَیْنَ مِیکَائِیلَ وَ عَلِیٌّ أَمَامَنَا وَ مَعَنَا مِنْ مَلَائِکَةِ اللَّهِ مَا لَا یُحْصَى عَدَدُهُمْ وَ نَحْنُ نَلْتَقِطُ مِنْ ذَلِکَ الْمِیسَمِ فِی وَجْهِهِ مِنْ بَیْنِ الْخَلَائِقِ حَتَّى یُنْجِیَهُمُ اللَّهُ مِنْ هَوْلِ ذَلِکَ الْیَوْمِ وَ شَدَائِدِهِ وَ ذَلِکَ حُکْمُ اللَّهِ وَ عَطَاؤُهُ لِمَنْ زَارَ قَبْرَکَ یَا مُحَمَّدُ أَوْ قَبْرَ أَخِیکَ أَوْ قَبْرَ سِبْطَیْکَ لَا یُرِیدُ بِهِ غَیْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سَیَجْتَهِدُ أُنَاسٌ مِمَّنْ حَقَّتْ عَلَیْهِمُ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ وَ السَّخَطُ- أَنْ یَعْفُوا رَسْمَ ذَلِکَ الْقَبْرِ وَ یَمْحُوا أَثَرَهُ فَلَا یَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى لَهُمْ إِلَى ذَلِکَ سَبِیلًا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَهَذَا أَبْکَانِی وَ أَحْزَنَنِی.» (1)
1) کامل الزیارات، ص 261.