و خلدت حفیدة الرسول صلى الله علیه و آله ـ فی یثرب ـ إلى البکاء و النحیب، و أخذت تراودها صباحا و مساء تلک الذکریات المروعة التی جرت على أخیها فی صعید کربلاء، و ما عاناه من الکوارث القاصمة التی تذوب من هولها الجبال، فکانت دموعها تجری فی کل لحظة على أخیها و اسرتها الذین حصدت رؤوسهم سیوف البغی، و مثلت بأجسامهم العصابات المجرمة.
لقد أخذت تلوح أمامها تلک المناظر الحزینة التی تعصف بالصبر حتى ضاقت بها الأرض، و لم تلبث أن ترفع صوتها عالیا مشفوعا بالألم و البکاء قائلة:
»وا حسیناه«.
»وا أخاه«.
»وا عباساه«.
»وا أهل بیتاه«.
»وا مصیبتاه«.
ثم تهوی إلى الأرض مغمى علیها، فقد صارت شبحا، و ذوت کما ذوت امها زهراء الرسول من قبل، و کان أحب شیء لها مفارقة الدنیا و الالتحاق بجدها
الرسول صلى الله علیه و آله لتشکو إلیه ما عانته من الرزایا و الأسر و السبی، و ما جرى على أخیها من القتل و التمثیل…
و نتحدث بإیجاز عن وفاتها، و ما قیل فی زمانه، و المکان الذی حضی بمرقدها.