و عانت عقائل الوحی و مخدرات النبوة و الإمامة جمیع ضروب المحن و البلاء أیام مکثهن فی الکوفة، فقد عانین مرارة السجن و شماتة الأعداء، و ذل الأسر، و بعدما صدرت الأوامر من دمشق بحملهن إلى یزید أمر ابن مرجانة بتسییر رؤوس أبناء النبی صلى الله علیه و آله و أصحابهم إلى الشام لتعرض على الشامیین، کما عرضت على الکوفیین حتى تمتلئ قلوب الناس فزعا و خوفا و تظهر مقدرة الامویین، و غلبتهم على آل الرسول.
و قد سیرت رؤوس العترة الطاهرة مع الأثیم زجر بن قیس النخعی، کما سیرت العائلة النبویة مع محفر بن ثعلبة من عائدة قریش، و شمر بن ذی الجوشن، و قد أوثقت بالحبال، و أرکبت على أقتاب الجمال، و هن بحالة تقشعر منها و من ذکرها الأبدان و ترتعد لها فرائض کل إنسان (1)
و سارت قافلة الأسرى لا تلوی على شیء حتى انتهت إلى القرب من دمشق، فاقیمت هناک حتى تتزین البلد بمظهر الزهو و الأفراح، و من الجدیر بالذکر أن مخدرات النبوة و باقی الأسرى قد التزموا جانب الصمت فلم یطلبوا أی شیء
من اولئک الأنذال الموکلین بهم، و ذلک لعلم العلویات بعدم الاستجابة لأی شیء من مطالبهن.
1) تحفة الأنام فی مختصر الإسلام: 84.