جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

لوعة السیدة زینب

زمان مطالعه: 2 دقیقه

و فزعت عقیلة بنی هاشم أشد ما یکون الفزع و أقساه حینما سمعت أخاها و بقیة أهلها یعالج سیفه و یصلحه و هو ینشد هذه الأبیات التی ینعى فیها نفسه:

یا دهر أف لک من خلیل

کم لک بالإشراق و الأصیل

من طالب و صاحب قتیل

و الدهر لا یقنع بالبدیل

و کل حی سالک سبیل

ما أقرب الوعد إلى الرحیل

و إنما الأمر إلى الجلیل

و کان مع الإمام فی خیمته الإمام زین العابدین علیه السلام و العقیلة. أما الإمام زین العابدین فإنه لما سمع هذه الأبیات خنقته العبرة و لزم السکوت، و علم أن البلاء قد نزل.

و أما العقیلة فقد أیقنت أن أخاها عازم على الموت، فأمسکت قلبها الرقیق المعذب و وثبت و هی تجر ذیلها و قد غامت عیناها بالدموع فقالت لأخیها:

»واثکلاه، واحزناه، لیت الموت أعد منی الحیاة، یا حسیناه، یا سیداه، یا بقیة أهل بیتاه، استسلمت للموت و یئست من الحیاة، الیوم مات جدی رسول الله، الیوم ماتت أمی فاطمة الزهراء، و أبی علی المرتضى، و أخی الحسن الزکی، یا بقیة الماضین و ثمال الباقین» (1)

و ذاب قلب الإمام أسى و حزنا، و التفت إلى شقیقته فقال لها الإمام بحنان:

»یا اخیة، لا یذهبن بحلمک الشیطان..«.

و سرت الرعدة و الفزع بقلب الصدیقة و طافت بها آلام مبرحة فخاطبت أخاها بأسى و التیاع قائلة: «أتغتصب نفسک إغتصابا، فذاک أطول لحزنی و أشجى لقلبی» (2)

و لم تملک صبرها بعدما أیقنت أن أخاها و بقیة أهلها سیستشهدون لا محالة، فعمدت إلى جیبها فشقته، و لطمت وجهها، و خرت إلى الأرض فاقدة لوعیها، و أثر منظرها الرهیب فی نفس الإمام فالتاع کأشد ما تکون اللوعة، و رفع یدیه بالدعاء أن یلهم شقیقته الصبر و السلوان، و أن یعینها على تحمل المحن الشاقة التی أحاطت بها.


1) مقاتل الطالبیین: 113.

2) أنساب الأشراف: 3: 393. الفتوح: 5: 84. المنتظم: 5: 338. البدایة و النهایة: 8: 179. السیدة زینب و أخبار الزینبیات: 20 و 21.