و لم یجد الطاغیة وسیلة یلجأ إلیها لإنقاذه سوى حرب الأعصاب، فأوعز إلى عملائه بإشاعة الخوف و الرعب بین أصحاب مسلم، و انبرى للقیام بهذه المهمة
من یلی من عملائه و هم:
1ـ کثیر بن شهاب الحارثی.
2ـ القعقاع بن شور الذهلی.
3ـ شبث بن ربعی التمیمی.
4ـ حجار بن أبجر.
5ـ شمر بن ذی الجوشن الضبابی (1)
و أسرع هؤلاء العملاء إلى صفوف جیش مسلم بن عقیل فأخذوا ینشرون الخوف و الأراجیف، و یظهرون لهم الحرص و الولاء لهم.
و کان مما قاله کثیر بن شهاب: «أیها الناس، إلحقوا بأهالیکم، و لا تعجلوا بالشر، و لا تعرضوا أنفسکم للقتل، فإن هذه جنود أمیرالمؤمنین ـ یعنی یزید ـ قد أقبلت، و قد أعطى الله الأمیر ـ یعنی ابن زیاد ـ العهد لئن أقمتم على حربه و لم تنصرفوا من عشیتکم، أن یحرم ذریتکم العطاء، و یفرق مقاتلکم فی مغازی أهل الشام من غیر طمع، و أن یأخذ البریء بالسقیم و الشاهد بالغائب، حتى لا تبقى فیکم بقیة من أهل المعصیة إلا أذاقها وبال ما جنت أیدیها..» (2)
و کان هذا الکلام کالصاعقة على رؤوس أهل الکوفة، فقد سرت فیهم أوبئة الخوف و انهارت معنویاتهم، و جعل بعضهم یقول لبعض: ما نصنع بتعجیل الفتنة و غدا تأتینا جموع أهل الشام ینبغی لنا أن نقیم فی منازلنا، و ندع هؤلاء القوم حتى یصلح الله ذات بینهم (3)
و کانت المرأة تأتی ابنها أو أخاها أو زوجها و هی مصفرة الوجه من الخوف فتخذله و تقول له: الناس یکفونک (4)
و قد نجح ابن زیاد فی هذه الخطة إلى حد بعید.
1) الکامل فی التاریخ: 3: 272.
2) تاریخ الامم و الملوک: 4: 576.
3) الفتوح: 5: 50.
4) تاریخ أبی الفداء: 1: 300.