و انضم طلحة و الزبیر إلى عائشة، و معهما جمیع رجال الحکم المباد من ولاة عثمان و غیرهم من المعادین لحکومة الإمام، و قد قرر زعماء الفتنة الزحف إلى البصرة لاحتلالها، و نادى المنادی فی مکة: «أیها الناس، إن ام المؤمنین و طلحة
و الزبیر شاخصون إلى البصرة، فمن کان یرید إعزاز الإسلام، و قتال المحلین و الطلب بدم عثمان، و لم یکن عنده مرکب و لا جهاز فهذا جهازه، و هذه نفقته…«.
و زودوا الجند بالسلاح و العتاد و الأموال، و قد کان قسم من النفقات من یعلی بن امیة والی عثمان، فقد أعان بأربعمائة ألف و حمل سبعین رجلا (1)
و اعتلت عائشة على جملها، و لم ترغب فیه، و صادفوا فی الطریق العرنی، و کان عنده جمل اعجب به أتباع عائشة، فقالوا للعرنی: «یا صاحب الجمل تبیع جملک؟
ـ نعم.
ـ بکم؟
ـ بألف درهم.
ـ مجنون أنت، جمل یباع بألف درهم!!
ـ نعم، جملی هذا.
ـ و مم ذلک؟
ـ ما طلبت علیه أحدا إلا أدرکته، و لا طلبنی و أنا علیه قط إلا فته.
ـ لو تعلم لمن نریده لأحسنت بیعنا.
ـ لمن تریده؟
ـ لامک.
ـ قد ترکت امی فی بیتها قاعدة ما ترید براحا.
ـ إنما نریده لام المؤمنین عائشة.
ـ هو لکم، خذوه بغیر ثمن.
ـ لا.
ـ ارجع معنا إلى الرحل نعطیک ناقة و نزیدک دراهم.
و رجع معهم فأعطوه ناقة مهریة و زادوه أربعمائة أو ستمائة درهم» (2)
و اعتلت علیه عائشة، و قد احتفى بها أنصارها من الامویین و غیرهم من الطامعین فی الحکم.
1) تاریخ الامم و الملوک: 3: 454، و غیره.
2) تاریخ الامم و الملوک: 3: 475.