و جهد أبوبکر و عمر على إرضاء زهراء الرسول و تطییب خاطرها على ما اقترفاه فی حقها، فاستأذنا بالدخول علیها فأبت أن تأذن لهما، و عرضا على الإمام علیه السلام رغبتهما الملحة فی مقابلة سیدة النساء.
فانطلق الإمام نحو الصدیقة و التمس منها إجابتهما، فسمحت لهما بالدخول، فلما مثلا عندها أشاحت بوجهها عنهما، و قدما إلیها اعتذارهما، فقالت:
»أرأیتکما إن حدثتکما حدیثا عن رسول الله صلى الله علیه و آله تعرفانه و تعملان به؟«.
فأجابا: نعم.
فقالت: «نشدتکما الله، ألم تسمعا رسول الله صلى الله علیه و آله یقول: رضا فاطمة من رضای، و سخط فاطمة من سخطی، فمن أحب فاطمة ابنتی فقد أحبنی، و من أرضى فاطمة فقد أرضانی، و من أسخط فاطمة فقد أسخطنی؟«.
فقالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلى الله علیه و آله.
فانبرت حبیبة رسول الله صلى الله علیه و آله و هی مغیظة محنقة فخاطبت أبابکر و شارکت معه صاحبه قائلة:
»إنی اشهد الله و ملائکته أنکما أسخطتمانی و ما أرضیتمانی، ولئن لقیت النبی لأشکونکما إلیه..«.
و فزع أبوبکر و قال رافعا عقیرته: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه و من سخطک یا فاطمة.
و وجهت إلیه أعنف القول قائلة:
»و الله لأدعون الله علیک فی کل صلاة اصلیها» (1)
و خرج أبوبکر و لم یظفر برضا زهراء الرسول صلى الله علیه و آله و کان ذلک من أعظم الصدمات التی واجهها فی أیام حکومته.
و من الطبیعی أن عقیلة بنی هاشم قد شارکت امها البتول فی سخطها على أبی بکر، و عدم رضائها عنه.
1) الإمامة و السیاسة: 1: 14.