لا یستطیع أی کاتب مهما کان بارعا فی تصویر دقائق النفوس، و کشف أسرار المجتمع و أحداث التاریخ أن یصور بدقة عمق الکوارث و الأوبئة التی داهمت الامة الإسلامیة بعد وفاة نبیها العظیم، کما صورها القرآن الکریم.
قال تعالى: (و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابکم…) (1)
إنه تصویر هائل للأزمات المفجعة و النکبات السود التی منی بها العالم الإسلامی، إنه انقلاب على الأعقاب، و انسلاخ عن العقیدة الإسلامیة، و تدمیر لشریعة الله، فأی زلزال مدمر کهذا الزلزال الذی عصف بالامة الإسلامیة و أخلد لها الفتن و الکوارث على امتداد التاریخ.
و کان من أقسى ما فجعت به الامة إبعاد العترة الطاهرة عن المسرح السیاسی و تحویل القیادة إلى غیرها، الأمر الذی نجم عنه فوز الامویین و غیرهم بالحکم، و إمعانهم بوحشیة قاسیة فی ظلم العلویین و مطاردتهم، و مجزرة کربلاء کانت من النتائج المباشرة لصرف الخلافة عن أهل البیت علیهم السلام.
و على أی حال، فإنا نعرض ـ بإیجازـ لبعض تلک الأحداث، و التی منها حکومة الخلفاء الذین عاصرتهم حفیدة الرسول صلى الله علیه و آله، فإنها ترتبط ارتباطا موضوعیا بالکشف عن حیاتها و ما عانته من کوارث و أهوال، و فیما یلی ذلک:
1) آل عمران 3: 144.