و حینما علم النبی صلى الله علیه و آله بهذه المولودة المبارکة سارع إلى بیت بضعته، و هو خائر
القوى حزین النفس، فأخذها و دموعه تتبلور على سحنات وجهه الکریم، و ضمها إلى صدره، و جعل یوسعها تقبیلا، و بهرت سیدة النساء فاطمة علیهاالسلام من بکاء أبیها، فانبرت قائلة:
»ما یبکیک یا أبتی؟ لا أبکى الله لک عینا«.
فأجابها بصوت خافت حزین النبرات: «یا فاطمة، اعلمی أن هذه البنت بعدی و بعدک سوف تنصب علیها المصائب و الرزایا» (1)
لقد استشف النبی صلى الله علیه و آله ما یجری على حفیدته من الرزایا القاصمة التی تذوب من هولها الجبال، و سوف تمتحن بما لم تمتحن به أی سیدة من بنات حواء.
و من الطبیعی أن بضعته و باب مدینة علمه قد شارکا النبی فی آلامه و أحزانه، و أقبل سلمان الفارسی الصدیق الحمیم للاسرة النبویة یهنئ الإمام أمیرالمؤمنین بولیدته المبارکة فألفاه حزینا واجما، و هو یتحدث عما تعانیه ابنته من المآسی و الخطوب (2)، و شارک سلمان أهل البیت فی آلامهم و أحزانهم.
1) الطراز المذهب: 38.
2) بطلة کربلاء: 21.