جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

گلهای فراری

زمان مطالعه: 2 دقیقه

تراقصت ألسنة النار المجنونة و هی تلتهم خیام القافلة… بدت کشیطان یتمیز من الغیظ.

فرت النسوة و الأطفال هائمین فی وجه الصحراء، و قطعان الذئاب تجوس خلال الخیام کریح مجنونة.

هبت القبائل تسلب و تنهب، و تحولت تلک القطعة من أرض الله الی مسرح رهیب، و قد ظهر ابلیس ینفخ و یصفر.. یسخر من آدم.. و بدا آدم حزینا علی فردوسه المفقود.

و کانت امرأة اسمها زینب تتألق وسط الناس… ترتل نداء السماء: یا نار کونی بردا و سلاما.

تقدمت نحو الشمس التی کورت.. کانت تتنفس روح علی..

ترتدی حلة أیوب النبی.

تقدمت نحو آخر القرابین السماویة.

اختفت الزهور و الریاحین، و ظهرت الاشواک حادة کأنصال السکاکین.. ملأت الطریق.. الطریق الذی یؤدی الی الحسین.

قالت زینب و هی تجثو أمام جسد ممزق:

ـ الهی تقبل منا هذا القربان!

نهضت تلملم آلامها.. تبحث عن أطفال و نسوة فرت مذعورة کطیور هاربة من سفن بعیدة غرقت.

العیون الحالمة و القلوب الصغیرة فرت خائفة. و کان «الرضیع» ما یزال غافیا مصبوغ النحر بلون الأرجوان.

عواء الذئاب یمزق و داعة الریاحین. و استحالت الاشیاء الخضراء الی رماد تذروه الریاح.

کل شیء بات یهتز بشدة.. الموجودات تتأرجح کما لو أن زلزالا ضرب الأرض، فبدت مجنونة، و هی تمخر غبار الکون.

آن للقافلة أن تستأنف رحلتها، و قد ظهرت امرأة ترتدی صبر الانبیاء.. عنفوان الرسالات.. و کان اسمها زینب..

آن للقافلة أن ترحل.

رفعت النوق أثقالها… و انتشلت سفن الصحراء مراسیها…

و بوصلة التاریخ تشیر الی المدینة المشهورة بالغدر.

و من بعید لاحت الکوفة ذلیلة خاویة علی عروشها.

قالت زینب و هی تستقی صبر الحسین:

ـ لن یموت من رأسه فوق الرمح… انظر انه یرتل سورة الکهف.

قال فتی علیل أفلت من أنیاب الذئاب:

ـ انهم یقتلون الحریة… و الانسان.

ـ الروح العظیمة لاتعرف الموت.. انهم یرفعونها عالیا فوق ذری الرماح.

و أردفت المرأة المتوشحة بالصبر:

ـ انظر یابن أخی سندخل الکوفة.

ـ یا عمتی اننا ندخلها اسری.

ـ بل فاتحین.. و سینجلی ذلک ولو بعد حین.

ـ و هذه الحبال و قیود الحدید.

ـ ستلتف حول أعناق الذین غدروا. انهم لا ایمان لهم. صبرا یا بقیة جدی و أبی و اخوتی، فوالله ان هذا لعهد من الله الی جدک و أبیک، و لقد أخذ الله میثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الارض، و هم معروفون فی أهل السماوات.. انهم یجمعون هذه الجسوم المضرجة فیوارونها، و ینصبون بذاک الطف علما لا یدرس أثره.