وداعه لقبر جده

و خف الإمام الحسین علیه السلام إلى قبر جده، و هو حزین کئیب یشکو إلى الله ما ألم به من الخطوب قائلا:

»اللهم إن هذا قبر نبیک محمد صلى الله علیه و آله و أنا ابن بنت محمد، و قد حضرنی من الأمر ما قد علمت، اللهم إنی احب المعروف و أنکر المنکر، و أنا أسألک یا ذا الجلال و الإکرام بحق هذا القبر و من فیه إلا ما اخترت لی ما هو لک رضى و لرسولک رضى..» (1)

و یلمس فی هذا الدعاء مدى انقطاعه الکامل إلى الله تعالى، و حبه العارم إلى إقامة المعروف و تدمیر الباطل، و هو یسأل الله ـ بلهفةـ أن یختار له الصالح فی دینه و دنیاه.

و توجه الإمام فی غلس اللیل البهیم إلى قبر امه سیدة نساء العالمین فودعها الوداع الأخیر، و وقف قبال قبرها الشریف، و تمثلت أمامه ذکریات عواطفها الفیاضة، و شدة حنوها علیه فانفجر بالبکاء، و ذابت نفسه أسى و حسرات، ثم ودع القبر وداعا حارا، و انصرف إلى مرقد أخیه الزکی الإمام أبی محمد علیه السلام فأخذ یروی ثراه بدموع عینیه و قد طافت به الآلام، ثم قفل راجعا إلى منزله.

1) بحارالأنوار: 44: 328. الفتوح: 5: 19. مقتل الحسین علیه السلام / الخوارزمی: 1: 186.