و مضى الحسین یودع عقائل النبوة، و سیدات نساء الدنیا، و یأمرهن بالخلود إلى الصبر، و نظر إلى شقیقته زینب و هی غارقة بالدموع، فعزاها و أمرها بالصبر، و أن تقوم برعایة أطفاله، و لما أراد الخروج أحطن به السیدات لیتزودن منه،
و هن یذرفن أحر الدموع، و التفت الإمام زین العابدین علیه السلام إلى عمته زینب، فقال لها: «علی بالعصا و السیف«.
ـ ما تصنع بهما؟
ـ أما العصا فأتوکأ علیها، و أما السیف فأذب به عن ابن رسول الله.
و کانت الأمراض قد المت به فنهاه الإمام الحسین علیه السلام و أمسکته عمته زینب.
و أمر الإمام حرم الرسالة بلبس الازر، و الاستعداد للبلاء، و التسلیم لقضاء الله، و قال لهن:
»استعدوا للبلاء، و اعلموا أن الله تعالى حامیکم و حافظکم و سینجیکم من شر الأعداء، و یجعل عاقبة أمرکم إلى خیر، و یعذب عدوکم بأنواع العذاب، و یعوضکم عن هذه البلیة بأنواع النعم و الکرامة فلا تشکوا، و لا تقولوا بألسنتکم ما ینقص قدرکم..«.
إن هذا الإیمان، و هذا الصبر أجدر بالخلود من هذا الکوکب الذی نعیش علیه.
إن هذه الرزایا تتصدع من هولها الجبال، و تمید بحلم أی مصلح کان، و قد تجرعها أبی الضیم من أجل رفع کلمة التوحید التی جهدت الاسر القرشیة على إطفاء نورها.