جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

واقعة النهروان

زمان مطالعه: 2 دقیقه

و بعدما أعلن الخوارج تمردهم على حکومة الإمام، و رفعوا شعارهم «لا حکم إلا لله» ولکنه لم یعد فی جمیع تصرفاتهم و شؤونهم ظلا و واقعا لهذا الشعار، فقد کان شعارهم الحقیقی لا حکم إلا للسیف و الفساد.

و لما أراد الإمام الخروج إلى محاربة معاویة، و عبأ أصحابه و جنوده لذلک، أشار علیه بعض أصحابه بمناجزة الخوارج، فإن خطرهم أعظم من خطر معاویة، و إنهم إذا نزحوا من الکوفة سوف یحدثون القتل و الدمار فیها، فاستصوب الإمام رأیهم، و تحرکت قوات الإمام لقتالهم، و قبل أن تندلع نار الحرب، وجه الإمام إلیهم الحارث بن مرة یطلب منهم قتلة عبدالله بن خباب لیقتص منهم فأجابوا جمیعا:

إنا کلنا قتلناهم، و کلنا مستحل لدمائکم و دمائهم.

و أقبل الإمام علیه السلام بنفسه، فوجه لهم خطابا رائعا یدعوهم فیه إلى الطاعة و رفض التمرد، فلم یفهموا خطاب الإمام و نصیحته و طلبوا منه أن یشهد على نفسه بالکفر و یتوب إلى الله تعالى على قبوله للتحکیم، فامتنع الإمام من إجابتهم، فإنه لم یقترف أی ذنب فی أمر التحکیم و إنما هم أرغموه على ذلک.

و لما یئس الإمام من إرجاعهم إلى الحق عبأ جنوده لحربهم، و فعل الخوارج مثل ذلک، و هتف بعضهم: «هل من رائح إلى الجنة..«.

فأجابوه جمیعا الرواح إلى الجنة، و هم یهتفون بشعارهم «لا حکم إلا لله«، و حملوا حملة منکرة على جیش الإمام، و ما هی إلا ساعة حتى قتلوا عن آخرهم و لم یفلت منهم إلا تسعة.

و بذلک فقد انتهت حرب النهروان، و قد أعقبت هی و حرب صفین تمرد الجیش العراقی، فقد منی بالتمرد و الانحلال و السأم من الحرب، و أصبح الإمام یدعوهم فلا یستجیبون له.

کما فقد الإمام فی هذین الحربین أعلام أصحابه و خیارهم الذین یعتمد على إخلاصهم و تفانیهم فی الولاء له.

و على أی حال فقد رجع الجیش من النهروان إلى الکوفة، و جبن عن ملاقاة معاویة، و أخذ الإمام یدعوهم إلى حربه فامتنعوا من إجابته.