و نتحدث ـ بإیجاز ـ عن بعض مظاهر شخصیة الإمام الحسن علیه السلام، و هی:
الحلم: من ذاتیات الإمام السبط: الحلم، فقد کان من أحلم الناس، و قد تعرض لموجات عاتیة من الإساءة من الاسرة الامویة التی اترعت نفوسها بالحقد و الکراهیة لآل النبی صلى الله علیه و آله، فما قابل الإمام أحدا بإساءة و إنما کظم غیظه، و قد شهد مروان بن الحکم و هو من أخبث الناس، و أشدهم عداوة للإمام الحسن، بعظیم حلمه، فقد أسرع بعد وفاته إلى حمل جثمانه، فقیل له: أتحمل جثمانه و کنت تجرعه الغصص؟ فأجاب: «أنی أحمل جثمان من کان یوازی حلمه الجبال«.
لقد کان الحلم من أبرز عناصره النفسیة، و قد أجمع الرواة على أنه کان من أوسع الناس صدرا، و أنه ما جازى من أذنب فی حقه، و إنما قابله بالبر و الإحسان شأنه فی ذلک جده الرسول صلى الله علیه و آله الذی وسع الناس جمیعا بمعالی أخلاقه.
الجود: و کان الإمام السبط من أندى الناس کفا، و من أکثرهم برا و إحسانا للفقراء، و کان لا یرى للمال قیمة سوى ما یرد به جوع جائع أو یکسو عریانا، و قد حفلت مصادر التاریخ و التراجم بذکر بوادر کثیرة من کرمه و سخائه، و قد لقب علیه السلام بـ (کریم أهل البیت(، و هم من معادن الکرم و الجود.
سمو الأخلاق: و من عناصر الإمام الحسن علیه السلام سمو الأخلاق، فکان آیة من آیات الله العظام فی هذه الظاهرة الفذة، و من معالی أخلاقه أنه کان یوقر و یحترم کل من قصده و لا یفرق بین القریب و البعید، و کان یواسی الناس فی مصائبهم و یشارکهم فی مسراتهم، و یوقر الکبیر، و یحنو على الصغیر، و یعطف على الضعیف، و کان للمسلمین أبا رؤوفا، و کهفا حصینا، یلجأ إلیه غارمهم، و یفزع إلیه مظلومهم، و قد شابه جده الرسول الأعظم صلى الله علیه و آله فی سمو أخلاقه التی مدحه الله تعالى بها، قال الله عزوجل: (و إنک لعلى خلق عظیم) (1)
هذه بعض صفات الإمام الحسن علیه السلام، و قد ألمحنا إلى الکثیر منها فی کتابنا (حیاة الإمام الحسن علیه السلام(.
مع السیدة زینب: نشأت سیدة النساء زینب علیهاالسلام مع أخیها الإمام الحسن علیه السلام و قطعت شوطا من حیاتها مع هذا الإمام العظیم ریحانة رسول الله صلى الله علیه و آله و سید شباب أهل الجنة، و تطبعت بأخلاقه و آدابه، و کان یجلها کثیرا، و یحدب علیها و یقابلها بمزید من الرعایة و العنایة، فقد رأى جده و أبویه قد أحاطوها بکل تبجیل و احترام، و أشادوا بمواهبها و فضائلها، و قدموها على بقیة السیدات من نساء أهلها و قومها.
هذه لمحة موجزة عن علاقة الإمام الحسن بشقیقته السیدة زینب علیهاالسلام.
1) القلم 68: 4.
