جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

محتویات الخطاب

زمان مطالعه: 2 دقیقه

و حللنا محتویات خطاب العقیلة فی کتابنا (حیاة الإمام الحسین(، و ننقله لما فیه من مزید الفائدة، و هذا نصه: و کان هذا الخطاب العظیم امتدادا لثورة کربلاء، و تجسیدا رائعا لقیمها الکریمة و أهدافها السامیة، و قد حفل بما یلی:

أولا: إنها دللت على غرور الطاغیة و طیشه، فقد حسب أنه هو المنتصر بما یملک من القوى العسکریة التی ملأت البیداء و سدت آفاق السماء إلا أنه انتصار مؤقت، و من طیشه أنه حسب أن ما أحرزه من الانتصار کان لکرامته عند الله تعالى و هوانا لأهل البیت، و لم یعلم أن الله إنما یملی للکافرین فی الدنیا من النعم لیزدادوا إثما و لهم فی الآخرة عذاب ألیم.

ثانیا: إنها نعت علیه سبیه لعقائل الوحی، فلم یرع فیهم قرابتهم لرسول الله صلى الله علیه و آله، و هو الذی من علیهم یوم فتح مکة، فکان أبوه و جده من الطلقاء، فلم یشکر للنبی هذه الید، و کافأه بأسوء ما تکون المکافأة.

ثالثا: ان ما اقترفه الطاغیة من سفکه لدماء العترة الطاهرة، فإنه مدفوع بذلک بحکم نشأته و مواریثه، فجدته هند هی التی لاکت کبد سیدالشهداء حمزة، و جده أبوسفیان العدو الأول للإسلام، و أبوه معاویة الذی أراق دماء المسلمین و انتهک جمیع ما حرمه الله، فاقتراف الجرائم من عناصره و طباعه التی فطر علیها.

رابعا: إنها أنکرت علیه ما تمثل به من الشعر الذی تمنى فیه حضور شیوخه الکفرة من الامویین لیروا کیف أخذ بثأرهم من النبی صلى الله علیه و آله بإبادته لأبنائه، إلا أنه سوف یرد موردهم من الخلود فی نار جهنم.

خامسا: إن الطاغیة بسفکه لدماء العترة الطاهرة لم یسفک إلا دمه، و لم یفر إلا جلده، فإن تلک النفوس الزکیة حیة و خالدة، و قد تلفعت بالکرامة، و بلغت قمة الشرف، و أنه هو الذی باء بالخزی و الخسران.

سادسا: إنما عرضت إلى من مکن الطاغیة من رقاب المسلمین، فهو المسؤول عما اقترفه من الجرائم و الموبقات، و قد قصدت سلام الله علیها مغزى بعیدا یفهمه کل من تأمل فیه.

سابعا: انها أظهرت سمو مکانتها، و خطر شأنها، فقد کلمت الطاغیة بکلام الأمیر و الحاکم، فاستهانت به، و استصغرت قدره، و تعالت عن حواره، و ترفعت عن مخاطبته، و لم تحفل بسلطانه، لقد کانت العقیلة على ضعفها و ما ألم بها من المصائب أعظم قوة و أشد بأسا منه.

ثامنا: انها عرضت إلى أن یزید مهما بذل من جهد لمحو ذکر أهل البیت علیهم السلام، فإنه لا یستطیع إلى ذلک سبیلا لأنهم مع الحق، و الحق لابد أن ینتصر، و فعلا

فقد انتصر الإمام الحسین، و تحولت مأساته إلى مجد لا یبلغه أی إنسان کان، فأی نصر أحق بالبقاء و أجدر بالخلود من النصر الذی أحرزه الإمام علیه السلام.

هذا قلیل من کثیر مما جاء فی هذه الخطبة التی هی آیة من آیات البلاغة و الفصاحة، و معجزة من معجزات البیان، و هی إحدى الضربات التی أدت إلى انهیار الحکم الاموی (1)


1) حیاة الإمام الحسین بن علی علیهماالسلام: 3: 382- 383.