و أحاط أصحاب عائشة بجمل امهم، فدعا الإمام عمار بن یاسر و مالک الأشتر، و أمرهما بعقر الجمل قائلا:
»اذهبا فاعقرا هذا الجمل، فإن الحرب لا یخمد ضرامها ما دام حیا، فإنهم قد اتخذوه قبلة لهم..«.
و انطلق الأشتر و عمار و معهما فتیة من مراد، فوثب فتى یعرف بمعمر بن عبدالله إلى الجمل فضربه على عرقوبه فهوى إلى الأرض و له صوت منکر لم یسمع مثله، و تفرق أصحاب عائشة حینما هوى الصنم الذی قدموا له آلاف القتلى، و أمر الإمامعلیه السلام بحرقه و ذر رماده فی الهواء لئلا تبقى منه بقیة یفتتن بها الغوغاء، و بعدما فرغ من ذلک قال:
»لعنه الله من دابة فما أشبهه بعجل بنی إسرائیل..«.
ثم مد بصره نحو الرماد الذی تناهبته الریح و تلا قوله تعالى: (و انظر إلى إلهک الذی ظلت علیه عاکفا لنحرقنه ثم لننسفنه فی الیم نسفا) (1)
و انتهت بذلک حرب الجمل التی أثارتها الأحقاد و الأطماع، و قد أشاعت بین المسلمین الضغائن و الفتن، و ألقتهم فی شر عظیم.
1) طه 20: 97.