جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

خطاب الإمام

زمان مطالعه: 2 دقیقه

و خطب الإمام فی قطعات ذلک الجیش فقال بعد حمد الله و الثناء علیه:

»أیها الناس، إنها معذرة إلى الله عزوجل و إلیکم.. أنی لم آتکم حتى أتتنی

کتبکم، و قدمت بها علی رسلکم، أن أقدم علینا فإنه لیس لنا إمام، و لعل الله أن یجمعنا بک على الهدى.

فإن کنتم على ذلک فقد جئتکم، فأعطونی ما أطمئن به من عهودکم و مواثیقکم، و إن کنتم لمقدمی کارهین انصرفت عنکم إلى المکان الذی جئت منه إلیکم..«.

و أحجموا عن الجواب فإن الأکثریة الساحقة منهم قد کاتبوا الإمام و بایعوه على ید سفیره مسلم بن عقیل.

و حل وقت الصلاة فأمر الإمام مؤذنه الحجاج بن مسروق أن یؤذن و یقیم لصلاة الظهر، و بعد فراغه قال الإمام للحر: «أترید أن تصلی بأصحابک؟«.

فقال: بل نصلی بصلاتک، و أتموا بالإمام فصلى بهم صلاة الظهر.

و بعد أدائه للصلاة قام فیهم خطیبا فحمد الله و أثنى علیه ثم قال:

»أیها الناس، إنکم إن تتقوا الله و تعرفوا الحق لأهله یکن أرضى لله، و نحن أهل البیت أولى بولایة هذا الأمر من هؤلاء المدعین ما لیس لهم، و السائرین فیکم بالجور و العدوان، فإن أنتم کرهتمونا و جهلتم حقنا و کان رأیکم الآن على غیر ما أتتنی به کتبکم انصرفت عنکم«.

و لم یعلم الحر بشأن الکتب التی بعثها أهل الکوفة للإمام، فقال له: ما هذه الکتب التی تذکرها؟

فأمر الإمام عقبة بن سمعان بإحضارها، و کانت قد ملأت خرجین فنثرها بین یدی الحر، فبهر منها، و قال: لسنا من هؤلاء الذین کتبوا إلیک.

و أراد الإمام أن یتجه إلى یثرب فقال له الحر: قد امرت أن لا أفارقک إذا لقیتک حتى اقدمک الکوفة على ابن زیاد.

و تأثر الإمام و صاح به: «الموت أدنى إلیک من ذلک«.

و جرت مشادة عنیفة بین الإمام و الحر، فقد حال الحر من توجه الإمام إلى یثرب، و کاد الوضع أن ینفجر باندلاع نار الحرب إلا أن الحر ثاب إلى الهدوء، و قال للإمام: إنما لم أؤمر بقتالک و إنما أمرت أن لا افارقک حتى اقدمک الکوفة، فإذا أبیت فخذ طریقا لا یدخلک الکوفة، و لا یردک إلى المدینة، و اتفقا على ذلک، فتیاسر الإمام عن طریق العذیب و القادسیة (1)

و أخذت قافلة الإمام تطوی البیداء، و کان الحر یتابعه عن کثب، و یراقبه أشد ما تکون المراقبة.

و فزعت حفیدة الرسول أشد ما یکون الفزع و أیقنت بنزول الرزء القاصم، و أن أخاها مصمم على الشهادة، و مناجزة الحکم الاموی.


1) الکامل فی التاریخ: 3: 280.