و أوعزت القیادة العامة إلى الجند بحرق خیام آل النبی صلى الله علیه و آله فحملوا أقبسة من النار و هم ینادون: احرقوا بیوت الظالمین (1)
لقد کان بیت الإمام ـ حسب ما یزعمون ـ بیت الظلم و بیت ابن مرجانة و سیده یزید حفید أبی سفیان بیت العدل! فیالله أمام هذا الظلم الذی لم یقع نظیره فی تأریخ الامم و الشعوب.
و تنص بعض المصادر إلى أن عمر بن سعد أمر بحرق الخیام بما فیها من النساء و الأطفال، و قد حاول الشمر ذلک إلا أن شبث بن ربعی عذله و منعه عن ذلک.
و على أی حال فحینما التهبت النار فی خیم آل النبی فررن بنات الرسالة و عقائل الوحی من خباء إلى خباء، أما الیتامى فقد علا صراخهم و تعلق بعضهم بأذیال عمته الحوراء لتحمیه من النار، و هام بعضهم على وجهه لا یلوی على شیء.
لقد کان ذلک المنظر من أفجع و أقسى ما مر على آل النبی، و لم یغب عن ذهن
الإمام زین العابدین علیه السلام طیلة المدة التی عاشها بعد أبیه، و کان یذکره مشفوعا بالأسى و الحزن، و هو یقول:
»و الله ما نظرت إلى عماتی و أخواتی إلا و خنقتنی العبرة، و تذکرت فرارهن یوم الطف من خیمة الی خیمة و من خباء إلى خباء، و منادی القوم ینادی: أحرقوا بیوت الظالمین..«.
1) تاریخ المظفری: 228.