جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

تزیین الشام

زمان مطالعه: 2 دقیقه

و أمرت حکومة دمشق الدوائر الرسمیة و شبه الرسمیة بإظهار الزینة و الفرح للنصر الذی أحرزته بقتل أبناء النبی صلى الله علیه و آله.

و وصف بعض المؤرخین تلک الزینة بقوله: «و لما بلغوا ـ أی أسارى أهل البیت ـ ما دون دمشق بأربعة فراسخ استقبلهم أهل الشام و هم ینثرون النثار فرحا و سرورا حتى بلغوا بهم قریب البلد، فوقفوهم عن الدخول ثلاثة أیام و حبسوهم هناک، حتى تتوفر زینة الشام و تزویقها بالحلی و الحلل و الحریر و الدیباج و الفضة و الذهب و أنواع الجواهر، على صفة لم یر الراؤون مثلها لا قبل ذلک الیوم و لا بعده.

ثم خرج الرجال و النساء، و الأصاغر و الأکابر، و الوزراء و الأمراء، و الیهود و المجوس و النصارى و سائر الملل، إلى التفرج و معهم الطبول و الدفوف و البوقات و المزامیر، و سائر آلات اللهو و الطرب، و قد کحلوا العیون، و خضبوا الأیدی، و لبسوا أفخر الملابس، و تزینوا أحسن الزینة، و لم یر الراؤون أشد احتفالا و لا أکثر اجتماعا منه، حتى کأن الناس کلهم حشروا جمیعا فی صعید دمشق» (1)

لقد أبدى ذلک المجتمع الذی تربى على بغض أهل البیت جمیع ألوان الفرح و السرور بإبادة العترة الطاهرة و سبی حرائر النبوة.

و روى سهل بن سعد الساعدی ما رآه من استبشار الناس بقتل الحسین، قال: «خرجت إلى بیت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدینة مطردة الأنهار

کثیرة الأشجار، قد علقت علیها الحجب و الدیباج، و الناس فرحون مستبشرون، و عندهم نساء یلعبن بالدفوف و الطبول، فقلت فی نفسی: إن لأهل الشام عیدا لا نعرفه.

فرأیت قوما یتحدثون فقلت لهم: ألکم بالشام عید لا نعرفه؟

ـ نراک یا شیخ غریبا؟

ـ أنا سهل بن سعد قد رأیت رسول الله.

ـ یا سهل، ما أعجبک أن السماء لا تمطر دما، و الأرض لا تنخسف بأهلها.

ـ و ما ذاک؟

ـ هذا رأس الحسین یهدی من أرض العراق.

ـ واعجبا، یهدى رأس الحسین و الناس یفرحون!

ـ من أی باب یدخل؟

و أشاروا إلى باب الساعات، فأسرع سهل إلیها، و بینما هو واقف و إذا بالرایات یتبع بعضها بعضا، و إذا بفارس بیده لواء منزوع السنان، و علیه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله علیه و آله و هو رأس أبی الأحرار، و خلفه السبایا محمولة على جمال بغیر وطاء.

و بادر سهل إلى إحدى السیدات فسألها: من أنت؟

ـ «أنا سکینة بنت الحسین«.

ـ ألک حاجة؟ فأنا سهل صاحب جدک رسول الله.

ـ «قل لصاحب هذا الرأس أن یقدمه أمامنا حتى یشتغل الناس بالنظر إلیه، و لا ینظرون إلى حرم رسول الله صلى الله علیه و آله«.

و أسرع سهل بن سعد الساعدی إلى حامل الرأس فأعطاه أربعمائة درهم فباعد

الرأس عن النساء» (2)


1) بحارالأنوار: 45: 136 و 137، 155 و 156.

2) عوالم العلوم: 17: 427ـ 428. مقتل الحسین علیه السلام / الخوارزمی: 2: 60.