و أدار ابن مرجانة بصره فی بقیة الأسرى من أهل البیت فوقع بصره على الإمام زین العابدین، و قد أنهکته العلة فسأله: من أنت؟
»علی بن الحسین..«.
فصاح به الرجس الخبیث: أو لم یقتل الله علی بن الحسین.
فأجابه الإمام بإناة: «قد کان لی أخ یسمى علی بن الحسین قتلتموه، و إن له منکم مطالبا یوم القیامة..«.
فثار ابن مرجانة، و رفع صوته قائلا: الله قتله.
فأجابه الإمام بکل شجاعة و ثبات: «ألله یتوفى الأنفس حین موتها، و ما کان لنفس أن تموت إلا بإذن الله..«.
و دارت الأرض بابن مرجانة و لم یعرف ما یقول، و غاظه أن یتکلم هذا الغلام الأسیر بقوة الحجة، و الاستشهاد بالقرآن الکریم.
فرفع عقیرته قائلا: و بک جرأة على رد جوابی!! و فیک بقیة للرد علی..«.
و التفت إلى بعض جلادیه فقال له: خذ هذا الغلام و اضرب عنقه.
و طاشت أحلام العقیلة و انبرت بشجاعة لا یرهبها سلطان، فاحتضنت ابن أخیها، و قالت لابن مرجانة: «حسبک یابن زیاد ما سفکت من دمائنا، إنک لم تبق منا أحدا، فإن کنت عزمت على قتله فاقتلنی معه..«.
و بهر الطاغیة و انخذل، و قال متعجبا: دعوه لها، عجبا للرحم ودت أن تقتل معه (1)
و لولا موقف العقیلة لذهبت البقیة من نسل أخیها التی هی مصدر الخیر و الفضیلة فی دنیا العرب و الإسلام.
لقد أنجا الله زین العابدین من القتل المحتم ببرکة العقیلة فهی التی أنقذته من هذا الطاغیة الجبار.
1) اللهوف: 94 و 95. مثیر الأحزان: 71. بحارالأنوار: 45: 117. الحدائق الوردیة: 1: 128. المنتظم: 5: 345. الکامل فی التاریخ: 3: 297.