من أبرز الصفات النفسیة الماثلة فی شخصیة سیدة النساء زینب علیهاالسلام هی: العزة و الکرامة، فقد کانت من سیدات نساء الدنیا فی هذه الظاهرة الفذة، فقد حملت بعد مقتل أخیها من کربلاء إلى الکوفة سبیة و معها بنات رسول الله صلى الله علیه و آله قد نهب جمیع ما علیهن من حلی و ما عندهن من أمتعة، و قد أضر الجوع بأطفال أهل البیت و عقائلهم، فترفعت العقیلة أن تطلب من أولئک الممسوخین ـ من شرطة ابن مرجانةـ شیئا من الطعام لهم.
و لما انتهى موکب السبایا إلى الکوفة، و علمن النساء أن السبایا من أهل بیت النبوة سارعن إلى تقدیم الطعام إلى الأطفال الذین ذوت أجسامهم من الجوع، فانبرت السیدة زینب مخاطبة نساء أهل الکوفة قائلة: «الصدقة محرمة علینا أهل البیت…«.
و لما سمع أطفال أهل البیت من عمتهم ذلک ألقوا ما فی أیدیهم و أفواههم من
الطعام، و أخذ بعضهم یقول لبعض: إن عمتنا تقول: الصدقة حرام علینا أهل البیت.
أی تربیة فذة تربى علیها أطفال أهل البیت إنها تربیة الأنبیاء و الصدیقین التی تسمو بالإنسان فترفعه إلى مستوى رفیع یکون من أفضل خلق الله.
و لما سیرت سبایا أهل البیت من الکوفة إلى الشام لم تطلب السیدة زینب طیلة الطریق أی شیء من الإسعافات إلى الأطفال و النساء مع شدة الحاجة إلیها، فقد أنفت أن تطلب أی مساعدة من أولئک الجفاة الأنذال الذین رافقوا الموکب.
لقد ورثت عقیلة بنی هاشم من جدها و أبیها العزة و الکرامة و الشرف و الإباء، فلم تخضع لأی أحد مهما قست الأیام و تلبدت الظروف، إنها لم تخضع إلا إلى الله تعالى.