جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

اغتیال عمر

زمان مطالعه: 2 دقیقه

و بقی عمر على دست الحکم یتصرف فی شؤون الدولة حسب رغباته و میوله، و کان فیما یقول المؤرخون شدید البغض و الکراهیة للفرس، یبغضهم و یبغضونه، فقد حظر علیهم دخول یثرب إلا من کان سنه دون البلوغ (1) و تمنى أن یحول بینهم و بینه جبل من حدید، و أفتى بعدم إرثهم إلا من ولد منهم فی بلاد العرب (2)، و کان یعبر عنه بالعلوج (3)

و قد قام باغتیاله أبولؤلؤة و هو فارسی، أما السبب فی اغتیاله له فهو أنه کان فتى متحمسا لوطنه و امته، و رأى عمر قد بالغ فی احتقار الفرس و إذلالهم، و قد خف إلیه یشکو مما ألم به من ضیق و جهد من جراء ما فرض علیه المغیرة من ثقل الخراج، و کان مولى له، فزجره عمر و صاح به: ما خراجک بکثیر من أجل الحرف

التی تحسنها.

و ألهبت هذه الکلمات قلبه فأضمر له الشر، و زاد فی حنقه علیه أنه اجتاز على عمر فسخر منه و قال له: بلغنی أنک تقول: لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالریح لفعلت.

و لذعته هذه السخریة فخاطب عمر: لأصنعن لک رحى یتحدث الناس بها.

و فی الیوم الثانی قام بعملیة الاغتیال (4)، فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة فخرقت الصفاق (5)، و هی التی قضت علیه.

ثم هجم على من فی المسجد فطعن أحد عشر رجلا، و عمد إلى نفسه فانتحر (3)

و حمل عمر إلى داره و جراحاته تنزف دما، فقال لمن حوله: من طعننی؟

ـ غلام المغیرة.

ـ ألم أقل لکم لا تجلبوا لنا من العلوج أحدا فغلبتمونی (6)

و أحضر أهله له طبیبا فقال له: أی الشراب أحب إلیک؟

ـ النبیذ.

فسقوه منه فخرج من بعض طعناته صدیدا، ثم سقوه لبنا فخرج من بعض طعناته، فیئس منه الطبیب، و قال له: لا أرى أن تمسی (7)


1) شرح نهج البلاغة: 1: 185.

2) الموطأ: 2: 12.

3) شرح نهج البلاغة: 12: 185.

4) مروج الذهب: 2: 212.

5) الصفاق: الجلد الأسفل الذی تحت الجلد.

6) شرح النهج البلاغه: 12: 187.

7) الاستیعاب (المطبوع على هامش الإصابة(: 2: 461.